وعندما رد ابن تيمية على أهل الإرجاء ونحوهم وعلق الأرناؤوط بأن الإرجاء المذموم هو إرجاء آخر، وكأن هناك إرجاء غير مذموم.
والرد عليه أن أعلم الناس وأفقههم وأعرفهم بالدين هم علماء القرون الثلاثة المفضلة وهم يمثلون حقيقة الأمة، بل ورد ذم الإرجاء عن بعض متأخري الصحابة رضوان الله تعالى عنهم، وليس فقط عن التابعين الذين ورد عنهم الكثير، وقد نقل ذلك عن الأئمة ومنهم الإمام أحمد رحمه الله، وقد نقل ذلك عنه ابنه عبد الله في كتابه السنة ونقل بالأسانيد الصحيحة المتصلة عن كبار التابعين وبعضها عن الصحابة. ثم عن تابعي التابعين، ثم عمن بعدهم في ذم الإرجاء، وكذلك اللالكائي وغيره من الأئمة.
فهؤلاء المرجئة المذمومون هم الذين نقرأ عنهم في كتب الجرح والتعديل عند قول: فلان كان يرجئ، أو كان فيه إرجاء، أو كان يرى الإرجاء وما أشبه ذلك، وهذا إرجاء مذموم بلا ريب؛ لأن من ذمه هؤلاء القوم فلاشك أنه مذموم؛ لأنهم أعلم الناس وأعرفهم بالدين والعقيدة، وبما يذم وما لا يذم، وبما يضل وما لا يضل ومن يعد مبتدعاً ومن لا يعد كذلك، وهؤلاء هم الحجة في هذه الأمة على من بعدهم من الأجيال، وقد جعلوا هذا الإرجاء بدعة مذمومة وكلامهم هو المعتبر.